الحديث الثامن باب: صنفان من أمتي من أهل النار منهم من معهم سياط يضربون الناس

الحديث الثامن باب: صنفان من أمتي من أهل النار منهم من معهم سياط يضربون الناس

صِنْفانِ مِن أهل النّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ ...

مقالات - 2021-05-02

الحديث الثامن باب: صنفان من أمتي من أهل النار منهم من معهم سياط يضربون الناس

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفانِ مِن أهل النّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).
تخريج الحديث
أخرجه الإمام مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات برقم (5450) مجلد 7 ص 228. 
كما أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوماً في أيديهم مثل أذناب البقر، يغدون في غضب الله جل جلاله، ويروحون في سخط الله، كما ورد(إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوماً يغدون في سخط الله جل جلاله ويروحون في لعنة الله جل جلاله في أيديهم مثل أذناب البقر) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء برقم 7078، 7079. 
معاني المفردات
أذناب البقر: ذيلها، ومعنى ذلك أنه شديد الإيذاء، والعبرة في الوصف أن أي وسيلة إيذاء لقوله صلى الله عليه وسلم: (معهم سياط). 
كاسيات عاريات: قيل: يسترن جزءا من الجسد ويكشفن الآخر، وقيل: ثياب رقيقة كاشفة لما أسفل منها، وقد يكون غير محكم فيظهر منه أجزاء من الجسد. 
مُميلات مائلات: إما في طريقة السير وهو تعبير عن الفساد، أو معنويا مائلات عن شرع الله جل جلاله، مميلات بدعوة غيرهن إلى ذلك أو بتعليم غيرهن ذلك. 
الريح: الرائحة.
غضب الله جل جلاله: بمعني سخط الله جل جلاله.
سخط الله جل جلاله: الغضب الشديد المفضي إلى العقوبة. 
لعنة الله جل جلاله: الإبعاد عن رحمة الله جل جلاله. 
المعني الإجمالي
أي قلوب هذه التي تؤذي الناس ضرباً وركلاً بالأيدي والسياط والحديد، وأسلاك الكهرباء، والمظلوم يصرخ، وهو يزداد إيذاء له، وكأن صرخات المظلوم نغم محبب إلى نفوسهم، ثم يتركون هذا المظلوم ينزف منه الدم، ويصرخ، وهم يذهبون إلى الطعام والشراب، والضحك والمرح، وإلى البيت وينام أحدهم مطمئناً في ظل أنظمة بعيدة كل البعد عن العدل والرحمة.
أي قلوب هذه التي يجلس بعضها مع بعض، وكل يفتخر بما فعل بالمظلومين وما أنزل بهم من العذاب. 
أي قلوب هذه التي تدخل المنازل بعد منتصف الليل، ويقومون بترويع أهل البيت، ويقومون بتكسير كل ما أمامهم، وماذا في البيت من إثبات للتهمة كتاب تفسير أو كتاب حديث أو فقه أو ما شابه ذلك، ولو تكلمت الأم كبيرة السن وجهوا لها السباب، وينتزعون الرجل من بين أولاده، والصغيرة تبكي ولا رحمة عندهم.
أي قلب عندما يقرر وكيل النيابة الذي لا يجد أمامه من أدلة إلا محضرا للخصم، ثم يقرر الحبس، ويكرر تجديده عشرات المرات، ولا يبالي بزوجة وأولاد حرموا من الأب. 
وعموماً كان هذا قديماً، الآن يسجن الأب والأم ويترك الأولاد، بل الآن يسجن الأطفال الصغار بتهمة أنهم يسعون لقلب نظام الحكم. 
من المضحك المبكي أن شيخاً ضريراً (غير مبصر) ظل مسجوناً لمدة تقترب من العامين؛ لأنه (قناص) وأنه قتل أحد رجال الشرطة، سبحانه وتعالى (ضرير) وهو في الوقت نفسه (قناص) أين محرر المحضر؟ وأين وكيل النيابة الذي يجدد الحبس عدة مرات؟ وأين القاضي الظالم الذي أمر بالحبس؟ سؤال واحد: هل هؤلاء من الآدميين؟! هل عندهم ضمير؟! 
لذا كان الجزاء لا يشمون رائحة الجنة، مع أنها تشم من مسافات بعيدة، وحل عليهم (سخط الله)، (وغضب الله)، (ولعنة الله)، (أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)[هود:18]، (وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا)[النساء:52]، (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[الفتح:6]. 
إن هذه القلوب القاسية لا تنفعها المواعظ قال الشاعر:
إِذَا قَسَا الْقَلْبُ لَمْ تَنْفَعْهُ مَوْعِظَةٌ
كَالأَرْضِ إِنْ سَبَخَتْ لَمْ يُحْيِهَا الْمَطَرُ
وقاسي القلب أكثر قابلية للاستحمار وسماع الكذب، وأكل الحرام والمسارعة إلى كل أنواع الضلال، وتزييف الحقائق، وقبول الباطل لأن ذلك يحقق له أمراضه النفسية( ). 
وقاسي القلب يمارس سلوكا وحشيًّا قاسيا ضد الناس والأطفال والحيوانات، وهو يعاني من أمية المشاعر والتبلد.
وقاسي القلب لا ينكر نزغات الشيطان، والسبب الأساسي لقسوة القلب البعد عن كتاب الله وعدم الانتفاع بهدايته ونوره، وطول الأمد بما عليه أهل الباطل حتى يظنوا أنهم على الحق (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) [الحديد:16]، ولقد جاء الإسلام ليربط الانسان رباطاً حقيقيا بالدار الآخرة دار الجزاء حتى لا يتعلق بالدنيا إلا بما أحل الله له.
ولذلك فالحديث عند الترمذي أن خير الناس: من طال عمره وحسن عمله، وشرهم من طال عمره وساء عمله.
وهؤلاء الذين يعذبون الناس من أصحاب القلوب القاسية والطباع الحميرية، هؤلاء الذين قال عنهم العلامة القرضاوي: 
متبلدون عقولهم بأكفــــــــــــهم   وأكفهم للشر ذات حنين
لا فرق بينهمو وبين سياطـهم   كل أداة في يدي مأفون!
يتلقفون القادمين كأنـــــــــــــــهم    عثروا على كنز لديك ثمين
بالرِّجل بالكرباج باليد بالعـــصا     بكل أسلوب خسيس دون
أليس لهؤلاء عبرة ممن سبقهم من الظالمين، أليسوا الآن في التراب، الرئيس، والوالي، والعسكري، والمدني، سواء كان آمرا أو مأمورا أو عونا الجميع تحت التراب، والموعد واللقاء عند مالك الملك رب السماوات والأرض يوم لا يُظلم فيه أحد. 
ما يستفاد من الحديث
1.    الحديث علم من أعلام النبوة، ففيه إخبار بغيب أَعلَمَ الله به نبيه صلى الله عليه وسلم.
2.    تحريم الظلم.
3.    تحريم الإيذاء.
4.    تحريم إظهار مفاتن المرأة.
5.    أن من اتصف بصفه من هاتين لا يدخل الجنة.
6.    إن كان مؤمنا بالله جل جلاله يقينا فهو لا يدخل الجنة مع الفائزين الأول. 
7.    وأنه قد يدخلها، ولكن بعد ما يكون له من عذاب إلا إذا عفا الله جل جلاله، وعفا عنه المظلوم. 
8.    أنه يحرم من رائحة الجنة وهذا دليل على صفة الطرد له.
9.    أنه يحل عليهم غضب الله جل جلاله.
10.    يحل عليهم سخط الله جل جلاله.
11.    يحل عليهم لعنة الله جل جلاله.
------------

(1) مستمد الكثير في هذه الفقرة من كتاب تربية القلب للدكتور عثمان عبد المعز رسلان، أما الشعر فمن كتاب نفحات للدكتور القرضاوي.


  • شارك هذا الموضوع:
  • كلمات دلالية:
  • الأربعون الشريفية في الظلم
  • الشيخ عبد الخالق الشريف
  • الظلم

التعليقات