الحديث الخامس عشر باب: درجات الظلم

الحديث الخامس عشر باب: درجات الظلم

لَمَّا نَزَلَتْ (الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بظُلْمٍ) [الأنعام: 82] ...

مقالات - 2023-02-07

الحديث الخامس عشر باب: درجات الظلم

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ (الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بظُلْمٍ) [الأنعام: 82] شَقَّ ذلكَ علَى المُسْلِمِينَ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قالَ: ليسَ ذلكَ، إنَّما هو الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا ما قالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهو يَعِظُهُ (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ باللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]؟
تخريج الحديث
أخرجه الإمام البخاري كتاب الإيمان باب ظلم دون ظلم برقم 32 فأنزل الله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13].
الشرح الإجمالي
هذا الحديث بيان لنوعين من الظلم؛ لذا قال البخاري: باب ظلم دون ظلم؛ فالظلم الأكبر هو الشرك بالله.
ومن أنواع الظلم ظلم الإنسان لنفسه لقوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: 32]، وهناك ظلم الإنسان لأخيه الإنسان قال الله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الشورى: 42]، وقد يطلق الظلم ويراد به المعصية قال الله تعالى: (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [الأعراف: 160]، وحتى في الظلم الأكبر فإن الإنسان في حقيقته ظالم لنفسه؛ لأنه بذلك أوردها التهلكة. 
والحديث يتكلم عن الشرك وهو أكبر الظلم، وعلم من ترجمة البخاري له وجود أنواع أدنى في الظلم؛ لذا ناسب أن نبين ذلك كله. 
1- تكسير النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام التي كانت حول الكعبة فهي مضادة للتوحيد. 
عن عبد اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: دخَلَ النبيُ صلى الله عليه وسلم مكةَ، وحولَ الكعبةِ ثلاثمائةٍ وستون نُصُباً، فجَعَلَ يطعنُها بعُودٍ في يدِهِ وجَعَلَ يقول: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ...) الآية(1). 
ولعل الظلم هو أن تبقى هذه الأصنام حول الكعبة المشرفة علامة على الكفر والإلحاد، إن كسر هذه الأصنام حق لا شبهة فيه، فهي ضد التوحيد الذي قامت عليه السماوات والأرض ولكن للأسف فقد ورد "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَضْطَرِبَ ألْياتُ نِساءِ دَوْسٍ علَى ذِي الخَلَصَةِ"(2) صنم كان يعبد في الجاهلية. 
والذي نود الإشارة إليه أنه في آخر الزمان تكثر الفتن، ويزداد الجهل، ويقل العلم، ولكن تبقى فئة من أهل الإيمان، يقل عددهم فيكونوا غرباء في الأرض "بدأ الدين الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"(3) أما انحصار الدين تماما من الأرض فذاك عند اقتراب الساعة تقوم على قوم ليس فيهم من يقول الله. 
كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، وليخلقوا حبة، وليخلقوا شعيرة"(4).
ولمنع هذا الأمر بأي وسيلة أورد البخاري حديث عائشة رضي الله عنها في كتاب المظالم أنها كانت اتخذت على سهوة ستراً فيه تماثيل فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذت منه نمرقتين فكانتا في البيت يجلس عليهما (5 /145) رقم 2479 
ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا(5). 
ولو مضينا في كتاب المظالم في صحيح البخاري لوجدنا أمورا كثيرة قد لا نتخيل أنها تعد من المظالم، أو من الغصب نعرض لبعضها حتى يتضح لنا خطورة أمور كثيرة تحدث منا، ويحذرنا منها المعصوم صلى الله عليه وسلم. 
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بشَرَابٍ فَشَرِبَ منه، وعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وعَنْ يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلامِ: أتَأْذَنُ لي أنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ الغُلامُ: واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في يَدِهِ(6). 
هذا حديث هام جدا، والذي كان علي يمين النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والذي على يساره قيل: خالد بن الوليد، وقيل: أبو بكر رضي الله عنهما، وفيه تربية الأبناء وعدم تجاوز حقهم، والأيمن فالأيمن، وأن الحقوق يمكن التنازل عنها إلا حق الله في الحدود، وفيه مدى حب الجميع لحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. 
وإيراد الإمام البخاري هذا الحديث في كتاب المظالم فيه لطيفة رقيقة، وهي عدم الاستهانة بحقوق الآخرين، ولو كان غلاماً وفي أمر يسير. 
إن هذا الرقي في احترام الحقوق ومن شخص النبي صلى الله عليه وسلم، حينها يعلم كل ولي أمر أنه فرد من الرعية ملزم بكل القوانين والتعليمات والأخلاقيات الشرعية. 
ونجد أمورا تخص آداب الطعام ولكن البخاري أوردها في كتاب المظالم والغصب.
كان ابن عمر رضي الله عنهما يمر بنا فيقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه"(7). 
عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أبو شُعَيْب: وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَفَ فِى وَجْهِهِ الْجُوعَ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ: وَيْحَكَ اصْنَعْ لَنَا طَعَامًا لِخَمْسَةِ نَفَرٍ فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِيَ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. قَالَ: فَصَنَعَ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَاهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ وَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ قَالَ النَّبِيُ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ". قَالَ نعم(8). 
وهذا يكشف عن مدى حساسية الإمام البخاري أمام أي درجة من الظلم أو الغصب حتى إنه عد من ذلك أن تأخذ تمرتين ومعك من يأكل، فبذلك تضيق عليهم في المأكل إلا أن يأذنوا، وكذلك إذا كنت ضيفا فلا تصحب معك أحداً إلا بإذن صاحب البيت؛ لأن هذا مرهق لهم إلا أن يأذنوا، وانظروا من الذي يطلب الإذن إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
وإنني أرى أن هذا السلوك الرفيع والهدي النبوي السديد هو من الأدب والسلوك الذي يرتقي بالمجتمع ويجعله ذا أخلاق عالية، ويجعل فيه من الوضوح ما يرفع عن الصدور الحرج، إن هذه الأخلاق وأمثالها حين تسود المجتمع وحين تتم باعتبارها أمورًا تشريعية، سنجد مجتمعا سليم الخلق طاهر القلب.
وسنقف مع مشاهد من كتاب المظالم عند البخاري. 
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، واللَّهِ، ما كانَ علَى ظَهْرِ الأرض أهل خِبَاءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَذِلُّوا مِن أهل خِبَائِكَ، وما أصْبَحَ اليومَ علَى ظَهْرِ الأرض أهل خِبَاءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَعِزُّوا مِن أهل خِبَائِكَ، ثُمَّ قالَتْ: إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهلْ عَلَيَّ مِن حَرَجٍ أنْ أُطْعِمَ مِنَ الذي له عِيَالَنَا؟ قالَ لَهَا: لا حَرَجَ عَلَيْكِ أنْ تُطْعِمِيهِمْ مِن مَعروفٍ. 
عن عقبة بن عامر قال قُلْنَا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بقَوْمٍ لا يَقْرُونَا، فَما تَرَى فِيهِ؟ فَقالَ لَنَا: إنْ نَزَلْتُمْ بقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بما يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فإنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا منهمْ حَقَّ الضَّيْفِ(9). 
هذان الحديثان من الأحاديث التي يصعب فهم إلحاقهما بباب المظالم والغصب، ولعل السبب أن الإمام البخاري أراد أن يبين أن أخذ المرأة قوت أولادها وحاجاتهم من يد الزوج الممسك لا يعد ظلما ولا غصبا، ولعل هذا - أعني ضيافة العمال - كان قديما بسبب عدم وجود المطاعم والفنادق، ولأن الدول الآن تعطي لموظفيها عوضا عن تكاليف سفرهم ومعيشتهم.
ولعمق الفهم عند البخاري أورد هذه الأحاديث في كتاب المظالم والغصب. 
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا(10). 
وإيراد هذا الحديث في كتاب الوضوء والطهارة واضح وجلي لتعلق ذلك بهذين، ولكن إيراده في كتاب المظالم والغصب قد يكون فيه لبس، ولكن الذي يظهر لي بيان جواز ذلك؛ لأن السباطة ما يلقى فيه النفايات، فليس هناك ضرر بالتبول فيها على ألا يؤذي ذلك الجدران، وهذا من عمق فهم الإمام البخاري وأن هذا الفعل لا يحتاج إلى إذن، وهنا لا أتعرض للأحكام الفقهية لهذا الحديث إنما أعرض لماذا أتى به الإمام البخاري في كتاب المظالم. 
عن عمر رضي الله عنه قال حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر: انطلق بنا فجئناهم في سقيفة بني ساعدة(11). 
والذي يظهر لي من إيراد هذا الحديث في كتاب المظالم عن الأماكن العامة، فإن الجلوس فيها الأصل أنها حق للجميع إلا إذا كان هناك قيود تضعها جهة الإدارة. 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنعْ جار جاره أن يغرز خشبةً في جداره، ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين! والله لأرمين بها بين أكتافكم(12). 
وقد اختلف في حكم هذا الحديث هل هو على الندب أو الوجوب؟ وفيه قولان للشافعي وأصحاب مالك أصحّهما في المذهبين الندب، وبه قال أبو حنيفة والكوفيون، والثاني: الإيجاب وبه قال أحمد وأبو ثور وأصحاب الحديث وهو ظاهر الحديث، ومن قال بالندب قال: ظاهر الحديث أنهم توقفوا عن العمل فلهذا قال أبو هريرة لهم: مالي أراكم عنها معرضين وهذا يدل على أنهم فهموا منه الندب لا الإيجاب (النووي على مسلم) ولكن ابن حجر أجاب عن ذلك" وما أدري من أين له أن المعارضين كانوا أصحابه وأنهم عدد لا يجهل مثلهم الحكم". 
وهذا الحديث في سد حاجة المحتاج بدون إضرار واقع على صاحب الجدار، ولعل الإمام البخاري بإيراده للحديث في كتاب الظلم يميل إلى الوجوب. 
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قالَ: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ في مَنْزِلِ أبي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فأمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقالَ أبو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ ما هذا الصَّوْتُ، قالَ: فَخَرَجْتُ فَقُلتُ: هذا مُنَادٍ يُنَادِي: ألا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ، فَقالَ لِي: اذْهَبْ فأهْرِقْهَا، قالَ: فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ، قالَ: وكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَومَئذٍ الفَضِيخَ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وهْيَ في بُطُونِهِمْ، قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ: (ليسَ علَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيما طَعِمُوا) الآية(13). 
ولعل أحدا يقول كيف هذا في الطرقات؟ ولو علم أن الأرض يومئذ صحراء، مسجد الرسول كان من الحصى والرمل، فهذا حال البيئة، ولو في يومنا لصب في قنوات المجاري أو مثلها، فليس الصب في الشوارع متعهدا بذات المكان، ولكن المتعهد به هو التخلص من الأمر المحرم. 
وفي هذا الحديث بيان لأمر هام هو قاعدة قانونية لا عقوبة إلا بنص، لذا حين نزل تحريم الخمر قال بعض الصحابة: إن قوما ماتوا أو قتلوا وهي في بطونهم، فنزلت الآية المذكورة في الحديث مبينة أنه لا حساب عليهم؛ لأنه لم يكن هناك نص بالتحريم، وكذلك حين حولت القبلة إلى المسجد الحرام وكان قد مات من مات ولم يصل إليها فتحير بعض الصحابة فنزل قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ). 
إن هذا الأمر، وهو أنه (لا عقوبة إلا بنص) هو أساس العدل وعكسه ظلم، ولعل هذا المفهوم كان في إحساس وقلب الإمام البخاري حين أورد هذا الحديث في كتاب المظالم بالإضافة لما سبق والله أعلم.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ: عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟ قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ: اكْسِرُوهَا وَأَهْرِقُوهَا. قَالُوا: أَلاَ نُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: اغْسِلُوا". قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: كَانَ ابنُ أبي أُوَيسٍ يَقُولُ "الحمرِ الأَنَسيةِ" بنصبِ الألف والنون(14). 
ونشير إلى أن الإمام البخاري أورد الحديث الذي بين أن كل محرم يجب إزالته، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكسر الأواني التي طُهي بها الحمر الأهلية، فراجعه الصحابة ألا نهريقها (أي ما يطهى بها) ونغسلها (أي الأواني) لنستفيد بها فأذن لهم بذلك. 
وفي تحريم الحمر الأهلية خلاف كبير، فمن يرى أنها غير محرمة للآية (قُل لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الأنعام: 145] وأنها جاءت بصيغة الحصر والقصر ولا يجوز معها إضافة أخرى فعللوا هذا الحديث بأنه واقعة حال، والمقصود ألا نهلك ظهور الدواب التي يُحملون عليها أو يَحملون عليها الغنائم، وكان ذلك يوم خيبر. 
وهناك من تمسك بظاهر الحديث وأحاديث أخرى فقال بالتحريم للحمر الأهلية (الإنسية وهذا اسم آخر لها) تمييزا لها عن الحمار الوحشي الذي يعيش في البرية.
ما يستفاد من الأحاديث
1.    أهمية الموعظة. 
2.    للموعظة آداب. 
3.    حسن أسلوب الموعظة. 
4.    الأصل في الإيمان والتربية تعميق الإيمان بالله. 
5.    الأمن الحقيقي لمن آمن بوحدانية الله. 
6.    الشرك مناف للإيمان. 
7.    الظلم درجات. 
8.    أهمية السؤال. 
9.    الاحترام والإجلال للعالم لا يمنع من السؤال. 
10.    الأصنام وكل ما يعبد من دون الله ضد العقيدة الصحيحة. 
11.    يجب عدم صنع كل ما يعبد من دون الله أو المساعدة في صنعه. 
12.    يجب إزالة كل ما يُعبد من دون الله مع مراعاة القدرة والمآلات.
13.    كل ما هو كالمخلوق محرم صنعه. 
14.    الله خالق كل شيء. 
15.    كراهة الستر التي عليها تماثيل. 
16.    الستر التي بها تماثيل إذا هتكت لا مانع من استخدامها. 
17.    الأولى بالشرب مَنْ على اليمين. 
18.    الاهتمام بتربية الأولاد. 
19.    يجب ألا يمنع الرجل من حقه. 
20.    وجوب الاستئذان إذا لزم الأمر. 
21.    النهي عن القِران في التمر وغيره. 
22.    جواز القِران مع الإذن. 
23.    مراعاة آداب الطعام. 
24.    الأصل عدم اصطحاب الضيف لأحد معه. 
25.    إذا اصطحب أحد معه عليه الاستئذان. 
26.    إذا لم يوافق صاحب الدار عليه الرجوع. 
27.    لا يتكبر أحد من الاستئذان مهما كانت مكانته. 
28.    مراعاة حقوق الزوجة والأولاد في مال الزوج بالمعروف. 
29.    للضيف حقه. 
30.    أمور العادات تختلف من زمان لزمان. 
31.    لا مانع إذا احتاج الإنسان إلى التبول في الأماكن العامة أن يفعل ذلك مع مراعاة ستر العورة. 
32.    الجلوس في الأماكن العامة جائز. 
33.    للجار حق وضع ما يحتاجه في جدار جاره ما لم يكن فيه ضرر. 
34.    جواز صب الماء وغيره في الطرق العامة حال الحاجة. 
35.    جواز استخدام الأواني التي كان بها محرم بعد طهارتها. 
36.    وجود خلاف في حل أو تحريم الحمر الإنسية. 
37.    دقة فهم الإمام البخاري.
-----

(1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم باب هل تكسر الدنان التي فيها خمر أو تخرق الرقائق.  (5 /145) رقم 2478. 
(2) أخرجه الإمام البخاري كتاب الفتن باب تغيير الزمان حتى تعبد الأوثان رقم 7117. 
(3) صحيح مسلم كتاب الإيمان باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً (1 / 261) برقم 229.
(4) مسلم كتاب اللباس والزينة (7 /217) برقم 5411.
(5) الفتح برقم 3380 ومسلم برقم 2910.
(6) أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم باب إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو. (الفتح 5 / 123 برقم 2451). 
وفي كتاب الأشربة باب هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر (الفتح 10 / 89 برقم 5620). 
و أخرجه الإمام مسلم في كتاب الأشربة باب استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدي 8 / 136 برقم 5164. 
(7) البخاري في الاطعمة باب القران في التمر ومخرج في الذي بعده.
(8) النهي عن الإقران إلا بإذن، خرجه البخاري من كتاب المظالم 5 / 127 رقم 2455 كما خرجه في كتاب الشركة، باب القرآن في التمر بين الشركاء (الفتح 5 / 156 رقم 2489، 2490) وفي كتاب الأطعمة باب القرآن في التمر (الفتح 9 / 482 برقم 5446). وخرجه مسلم كتاب الأشربة باب نهي الأكل مع جماعة عندكم تمرتين ونحوهما (7 / 152 برقم 5205) و5207 وحديث الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي أورده البخاري في كتاب المظالم في نفس المكان وفي كتاب الأطعمة (الفتح 5 / 497: رقم 5461). 
(9) الحديثان أخرجهما الإمام البخاري في كتاب المظالم باب قصاص المظلوم إذا وجد مال مظلمته، وقال ابن سيرين يقاصه وقرأ (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) (الفتح 5 / 128 برقم 2460، 2461)
وأخرج حديث هند الإمام مسلم في كتاب الأقضية باب قضية هند (6 / 160) برقم 4342. 
أما الحديث الثاني فقد أخرجه البخاري أيضا في كتاب الأدب باب حق الضيف الفتح (10 / 548 برقم 6137). 
وخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب الضيافة ونحوها (6/ 176) برقم 4381. 
(10) هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم باب الوقوف والبول عند سباطة قوم (الفتح 5/ 140 برقم 2471)، في كتاب الوضوء باب البول قائما وقاعدا (الفتح 1 / 391 برقم 224، 225، 226).
وأخرجه الإمام مسلم كتاب الطهارة باب المسح على الخفين 2 / 110 برقم 479. 
(11) وقد أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم باب ما جاء في السقائف وجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سقيفة بني ساعدة. (الفتح 5 / 130 رقم 2462). 
(12) هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره.  (الفتح 5 / 131 برقم 2463). 
وفي كتاب الأشربة، باب الشرب من فم السقاء (الفتح 10 /92 برقم 5627). 
عن عكرمة ألا أخبركم بأشياء قصار حد ثنيها أبو هريرة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء، وأن يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره. 
و أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساقاة باب غرز الخشب في جدار الجار 6 / 32 برقم 3995. 
(13) أخرج الحديث الإمام البخاري في كتاب المظالم باب صب الخمر في الطريق (الفتح 5 / 133 رقم 2464). 
وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الأشربة باب تحريم الخمر (7 /100) برقم 5002. 
(14) هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في باب المظالم باب هل يكسر الدنان التي بها خمر (5 / 145) برقم 3477.
 


ألبوم الصور

لمشاهدة باقي ألبوم الصور.. إضغط على الصورة


  • شارك هذا الموضوع:
  • كلمات دلالية:
  • الأربعون الشريفية في الظلم
  • الشيخ عبد الخالق الشريف
  • الظلم

التعليقات