الحديث السابع عشر - باب: أخذ الحق ولو كان من أحب الناس إليك

الحديث السابع عشر - باب: أخذ الحق ولو كان من أحب الناس إليك

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه ...

مقالات - 2023-03-01

الحديث السابع عشر - باب: أخذ الحق ولو كان من أحب الناس إليك

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (كانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فأرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مع خَادِمٍ بقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بيَدِهَا، فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ، فَضَمَّهَا وجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وقالَ: كُلُوا وحَبَسَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم والقَصْعَةَ حتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ، وحَبَسَ المَكْسُورَةَ).
تخريج الحديث
أخرجه الإمام البخاري في كتاب المظالم باب إذا كسر قصعة أو شيئاً لغيره (الفتح برقم 2481).
وفي كتاب النكاح باب الغيرة (الفتح 9/230 برقم 5225). 
المعنى الإجمالي
قصة الحديث أن السيدة زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها أرسلت بقصعة (طبق من فخار) فيها طعام للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة رضي الله عنها مع خادم للسيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، فلما رأت السيدة عائشة رضي الله عنها ذلك ضربت بيديها القصعة فكسرتها، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم الطعام وأكلوا، ولكنه رد قصعة صحيحة وحبس المكسورة في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها.
وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: (غارت أمكم) وفي رواية قال: (إناء بإناء).
والغيرة: تغير يحدث في القلب ويحدث بسبب الإحساس بمشاركة الغير فيما يراه حق له، وهو أشد في النساء، وليس المطلوب نفي الغيرة، بل الاعتدال فيها بما لا يؤدي إلى الإضرار بالغير في أمر مادي أو معنوي، وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها كانت شديدة الغيرة.
وقد أخذت لهذا الحديث عنوان (الأخذ بالحق ولو كان من أحب الناس) فقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا نظرنا هنا نجد أن هذا الحب لم يمنع من العدل برد قصعة صحيحة بدلاً من المكسورة.
ويجب أن يكون هناك علاج للخلافات الزوجية وفقاً للضوابط الشرعية، إن الإسلام اهتم اهتماما خاصا بضوابط العلاقة الزوجية بحيث تكون دون إفراط أو تفريط؛ فللوالدين حقوق، وللزوجة حقوق، وللأولاد حقوق، والرجل يجب أن يكون في موقف العدل بين الجميع.
إن الإسلام أقام العلاقة الزوجية على المودة والرحمة، وجعل الزوجة سكنا، فيه يشعر الإنسان بالراحة؛ لذا لابد أن يكون هذا هو الأصل، ولكن نزغات النفس وتدخل الأهالي في هذه العلاقة تُحدث أموراً كثيرة. يعجبني تشبيه جميل قالته إحدى السيدات لولدها يوم زفافه، قالت: الزوجان مثل مادتين وضعتا في إناء واحد وأحكم إغلاقه، وكل مادة لها تمددها فلو تمددا معاً انفجر الإناء، فيجب إذا تمدد أحدكما أن يستوعبه الآخر.
 إن أي فساد للعلاقة الزوجية في حقيقته مهلك للمجتمع.
ويحذرنا القرآن من بعض الإفساد في العلاقات الزوجية قال الله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [التغابن 16:14]، هذه الآيات تحمل تحذيرات كثيرة، فالزوجة والأولاد بحكم قربهم من الإنسان لهم تأثير عاطفي كبير، وللمرأة سلاح الدموع، وقد تبعد الرجل عن أهله وتشغله بالبيت والأولاد، وأيضاً يجب ألا نظلم المرأة فقد ورد في الحديث عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (خيرُكم خيرُكم لأَهلِه، وأنا خيرُكم لأَهلي)(1) 

ما يستفاد من الحديث
1-أهمية العدل.
2-أن العدل مطلوب، ولو على النفس أو أحب الناس.
3-إذا تجاوزنا العدل كان الطريق إلى الظلم.
4-الرفق في معاملة الزوجة.
5-الغيرة الشديدة من النساء.
6- حب الرجل للمرأة يجب ألا يسبب ضررا لغيرها.
7-حب النبي صلى الله عليه وسلم للعدل وإقامته له.
8-يجب التوازن في كل العلاقات الأسرية.

***
(1) خرجه الترمذي مسندا ومرسلا عن عروة في المناقب باب في فضل ازواج النبي صلى الله عليه وسلم وقال هذا حسن صحيح.


ألبوم الصور

لمشاهدة باقي ألبوم الصور.. إضغط على الصورة


  • شارك هذا الموضوع:
  • كلمات دلالية:
  • الأربعون الشريفية في الظلم
  • الشيخ عبد الخالق الشريف
  • الظلم

التعليقات