الحديث التاسع عشر باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم

الحديث التاسع عشر باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أَمَرَنا النبيُّ ...

مقالات - 2023-03-15

الحديث التاسع عشر باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أَمَرَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم (بسَبْعٍ، ونَهانا عن سَبْعٍ فَذَكَرَ: عِيادَةَ المَرِيضِ، واتِّباعَ الجَنائِزِ، وتَشْمِيتَ العاطِسِ، ورَدَّ السَّلامِ، ونَصْرَ المَظْلُومِ، وإجابَةَ الدّاعِي، وإبْرارَ المُقْسِمِ).
صحيح البخاري ٢٤٤٥ واللفظ له، ومسلم (٢٠٦٦) مع اختلاف يسير عنده.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بيْنَ أَصابِعِهِ). صحيح البخاري ٢٤٤٦ واللفظ له، ومسلم ٢٥٨٥. 
تخريج الحديث
الحديث الأول: حديث البراء رضي الله عنه رواه البخاري في كتاب الجنائز باب الأمر باتباع الجنائز (الفتح 3/135 برقم 1239)، وله مرويات كثيرة في كتاب المظالم باب نصر المظلوم برقم 2445، وفي كتاب النكاح باب حق إجابة الوليمة والدعوة برقم 5175، وفي كتاب الأشربة باب آنية الفضة برقم 5635، وفي كتاب المرضى باب وجوب عيادة المريض برقم 5650، وفي كتاب اللباس لبس القسي برقم 5838، وباب المثبرة الحمراء برقم 5849، وباب خواتم الذهب برقم 5863، وكتاب الآداب باب تشميت العاطس إذا حمد الله برقم 6222، وفي كتاب الأيمان والنذور باب قول الله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) برقم 6654. 
وخرجه الإمام مسلم في كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء ج7 ص175 برقم 5259. 
أما الحديث الثاني: فقد خرجه الإمام البخاري في كتاب الآداب باب تعاون المؤمنين بعضهم مع بعض (الفتح 10/464 برقم 6026). 
وخرجه الإمام مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم ج8 ص243 برقم 6468. 
المعنى الإجمالي
هذا حديث جليل القدر اشتمل على أمور عدة من مكارم الأخلاق وحسن الصفات، كيف لا؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)(1).
وهو الموصوف بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4]. 
وهذا الحديث مروي عند البخاري في خمسة أبواب في الجنائز والمظالم واللباس والنكاح والآداب.
ومروي عند مسلم في كتاب اللباس والزينة، كما سبق التخريج والبيان.
والحديث يحوي مع مكارم الأخلاق، حقوق الخلق بعضهم على بعض والحديث في أتم رواياته كالاتي: - 
الأوامر: - 

عيادة المريض: بزيارته دون حدوث مشقة على المريض. 
اتباع الجنائز: حتى يفرغ من دفنها ويرجع بقيراطين: القيراط مثل جبل أحد. 
تشميت العاطس: إذا حمد الله جل جلاله.
إبرار القسم: تخليصاً له من تبعاته.
نصر المظلوم: وهو موضع الشاهد، وقول الصحابي البراء بن عازب رضي الله عنه هنا: أمرنا، الأمر يفيد الإلزام، وذلك بمنع الظالم عن ظلمه وجوباً متى كان قادراً على ذلك، وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
إجابة الداعي: وقد يكون واجبا أو مندوباً. 
إفشاء السلام: إشاعته وهو مما سمعه عبد الله بن سلام رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل بقباء. 
النواهي: - 
خواتم أو تختم بالذهب: هذا حرام على الرجال، ومباح للنساء دون إسراف زائد مثل خلخال في القدم(2).
- الشرب في آنية الفضة والذهب من باب أولى.
المياثر: وهي المراكب الفخمة المكونة من الحرير السميك، وكل هذا من علامات الإسراف.
القسي: اسم لموضع في مصر كان يتم فيه صناعة الحرير. 
[لبس الحرير - والإستبرق - والديباج]:
وهي أسماء للغليظ من الحرير، الكاشف عن إسراف ومخيلة.
وورد في رواية إنشاد الضالة في الأوامر بدلاً من إبرار القسم. 
إن هذه الأوامر تعين على إيجاد مجتمع مسلم مترابط تنتشر فيه المحبة والصلاح، وهذه النواهي تمنع الإفساد والاستهلاك المسرف المضيع للقوة الاقتصادية للمجتمع ومنع الخيلاء والإسراف والتبذير. 
وحقيقة الأمر أن رقم (سبعة) لا يفيد الحصر فكم في أوامر ونواهٍ كثيرة حواها القرآن العظيم، والسنة النبوية المطهرة كلها تؤدي إلى السعي؛ ليكون المجتمع المسلم مجتمعاً يحمل الطهارة القلبية والمعنوية إلى جوار الحسية، يسعى ليعيش أهله في صلاح وإصلاح، وهذا الهدف أساس للإسلام. 
كيف سيكون حال مجتمع تنتشر فيه هذه الخيرات وتبتعد عنه هذه المنهيات؟ كيف سيكون متراحماً بعيداً عن الإسراف والخيلاء؟. 
ثم إن إيراد الإمام البخاري لحديث أبي موسي الأشعري رضي الله عنه (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بيْنَ أَصابِعِهِ) لهو من فقه الإمام؛ لإظهار حقيقة ما ينشده الإسلام للمجتمع المسلم الذي يتعاون على البر والتقوى ولا يتعاون على الإثم والعدوان.
وقد أورد الإمام مسلم (8/244) الحديث 6469 "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" يقول الإمام النووي في شرحه: هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه.
(أقول) لو تحقق ذلك في المجتمع فلن يجد الظالم سبيلا إليه، فالمجتمع سيكون سبيل هداية له وحماية له (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فالحق ليس فيه ظلم ولا ظلمات.
وإيراد الحديث هنا واضح في الأمر بنصرة المظلوم. 
ما يستفاد من الحديث
1. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الأمة.
2. الإسلام دين شامل لكل أمور الحياة.
3. حرص الإسلام على إيجاد مجتمع طاهر نقي.
4. رقم سبعة ليس مقصودا بذاته.
5. كم من أوامر ونواهٍ لم ترد في هذا الحديث.
6. عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام من الأمور الممدوحة، التي تنشر الخير وتؤلف بين القلوب. 
7. استخدام الذهب والفضة والثياب الحريرية، أو التي فيها زينة زائدة تضيع طاقة المجتمع وتكسر القلوب المحتاجة، وتؤدي إلى الخيلاء والفساد الاقتصادي غير الناهض بالأمة (فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها أو حرمها).
***
(1) مجمع الزوائد 9/18 وقال صالح الأخلاق أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه البذار إلا أنه قال: لأتمم مكارم الأخلاق ورجاله كذلك غير محمد بن رزق الله وهو ثقة.
(2) النواهي وردت في حديث الإمام مسلم السابق تخريجه 7 / 175 – 176 برقم 5259.


ألبوم الصور

لمشاهدة باقي ألبوم الصور.. إضغط على الصورة


  • شارك هذا الموضوع:
  • كلمات دلالية:
  • الأربعون الشريفية في الظلم
  • الشيخ عبد الخالق الشريف
  • الظلم
  • الحديث التاسع عشر باب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم
  • باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم

التعليقات